شرح درس القرية الصغيرة تخلع ثوب الحداد

شرح درس القرية الصغيرة تخلع ثوب الحداثة

شرح درس القرية الصغيرة تخلع ثوب الحداثة


القرية الصغيرة تخلع ثوب الحداد

1. العودة إلى القرية

وقف ماجد أمام المنزل القديم، كان هذا المنزل هو أول شيءٍ صادفه عند دخوله قريته الصغيرة… إنه منزل الملا سلمان، وبالها من ذكريات جميلة سكنت في ذاكرته بعد كل تلك السنوات الطويلة من الغربة، والارتحال، والعذاب… الصغيرة تخلع ثوب الحداد


2. معاناة القرية مع التعليم القديم

فهُنا في هذا المنزل كانت تُقام المدرسة التي يُريدها الملا سلمان لأبناء القرية. بنهجه الخاص، وطريقته الخاصة التي لا تقوم إلا بالعصا والخيزران… وخيزران الملا سلمان لها مع الأطفال ذكريات عصيّة لا تُنسى، فهي خير من يُوجههم إن أخطأ أحدهم في لفظ الحروف أو حفظ آيةٍ من آيات الكتاب الكريم. هي الوسيلة الوحيدة للتعليم والتأديب والمعاقبة. ورغم أن ماجدًا لم تطله تلك العصا… إلا أنه ما يزال يرى آثارها في أجساد أصدقائه الصغار، وعلى أذرعتهم وفوق ظهورهم، تلك العصا التي تركت في أذهانهم آثارًا لا يُمحوها الدهر على قسوة المعلم، وجبروت المدارس…


3. موقف القرية من التعليم الحديث

لكن ماجدًا حالفه الحظ منذ صغره، حيث بعثه والده إلى المدينة ليبقى قريبًا من مدارسها، وليتعلّم هناك وبين جدرانها كل أصول العلم والدراسة، ولذا فقد نبذه الملا سلمان، ولم يكن له أيُّ عاطفة، بسبب انحرافه عن مبادئ القرية وطقوسها القاعدة. يُضرب في طقوس القرية عرض الحائط، ويُبعث ابنه إلى المدينة ليتعلم..!! ومدرسة الملا سلمان لا تُخالف تعاليم الدين الإسلامي.


4. بداية التغيّر وفقدان القدوة

القرية لن تتخلى عن مدرسة الملا سلمان!! لا يعرف أبو ماجد من هو الملا سلمان…!! وعلى باب المنزل يلاحظ ماجد وجود قفلٍ كبير ولا شيء يدل على وجود الأطفال خلف ذلك الباب الموصد… رغم أن الوقت نهار… والنهار في أوله، فلماذا أُقفلت مدرسة الملا سلمان أبوابها..!! ولماذا يُقفل الملا سلمان بابه، رغم أنه معروفٌ بكثرة انشغاله في استقبال الأولاد والمرضى والمرتادين من الرجال والنساء، المهم أن يصل إلى بيته الذي غاب عنه طويلًا، وها هو يعود ليحتضن البحر وزرقة السماء، والهدوء والضياء… ها هو يعود مع إشراقة جديدة.


5. الانكسار النفسي الكبير

الصباح ليُبشّر الصباح في كل مكان… وفي كل حلم… وفي كل دار… ولكن أين هذا النهار الذي لا بد أن يضيء الصدور…!! أين هذه الشمس التي يجب أن تشرق طوال الليل والنهار…!! ماذا دهى أهله وعشيرته…!! “مات الملا سلمان”… مات الملا سلمان… صرخ أحد الجيران وهو يستقبل ماجدًا في الدرب الضيق… إبكِ يا ماجد… إبكِ معنا… فالدمع ليس كافيًا على موت الملا سلمان… إبكِ دمًا، إبكِ روحًا… إبكِ أحلامًا وآمالًا… إبكِ حتى تنقطع كل أجناكَ الصوتية… إبكِ يا ماجد… فما الملا سلمان بشخصٍ عادي…!! يقف ماجد… إنه عمرنا…!! أتحيا بلا عمر؟!! أتحيا بلا غد…!! بلا آمال…!! ويرتفع صوت البكاء والنحيب… من بين الدروب الضيقة… من دهاليز البيوت الطينية القديمة… من النوافذ… والأبواب… وعلى المنبر… كان أحدهم يخطب خطبة دينية…


6. الانهيار بعد الفقد

من لنا بعدك يا ملا سلمان… تركتنا أعوادًا فارغة تذروها الرياح… قذفتنا كما يقذف البحر أسماكه الميتة… أنت البحر ونحن الأسماك… فكيف لنا أن نعيش خارج البحر… كيف للغواص أن يغوص في الرمال…!! كيف… وكيف… وألف كيف…؟!!


7. صرخة القرية في وجه الغياب

ماجد… ماذا أخرس لسانك… ماذا أحرس عقلك…!! أخذَك الموت يا ماجد…!! الأطفال جياع… إنهم كانوا ينتظرونك… يقفون على عتبات المنازل ليبحثون عنك… أتخذلهم حين عدت… أتركتهم يتضوّرون جوعًا…!! ويقف ماجد… كتمالب من الشمع… لا يعي… لا يفهم… لا يدرك… ولا يتكلم… إن قوى خارقة حتى عن إرادته قد سلبت عقول أهل قريته الصغيرة… قوة خفية زرعها الملا سلمان… وما زالت تنفث سمومها على الجميع… أمه التي كانت تنتظره كلّ يوم بشغف دفنت رأسها بين ذراعيها وحملت لسانَيها الصغيرين… وهي تتاب، وتقول:


8. بداية الوعي وجرأة التغيير

من لنا بعدك يا ملا سلمان… يُتَّم الأطفال… وتُثكل الأمهات… وترمّلت النساء والرجال… من لنا بعدك يا ملا سلمان… ماجد يقف على عتبة الباب يسمع أمه التي يلفّ جسدها وبصيرتها بغطاء أسود. لكنه ينفض هذا الغطاء بسرعة ويترك ساقيه تحمالانه إلى حيث لا يعلم…


9. الانطلاق نحو المواجهة

ليزيح الستار عن السر الذي يريد أن يعرفه… سر الحجاب الذي اكتنف عقول أهل قريته وقلوبهم.
الصيادون تجمعوا حول الباب يطلبون دعوة من دعوات المرحوم المباركة ليعودوا بالرزق الوفير لأطفالهم، لكن الظلال التي سقطت أمامهم أربكتهم، فتوقفوا عن النحيب والبكاء.
رآه الصغار، فتبعوه… فوقفوا في أماكنهم خائفين.
تقدّم ماجد وخلفه كل صغار القرية، تراجع الشيوخ، تراجعت النساء، لن ينتظر ماجد منهم المساعدة، سيفتح القفل بنفسه…


10. لحظة كسر الصمت

ماجد يدخل البيت… ولم يخرج.
الأعناق تشرئب نحو مدخل البيت.
أصوات النحيب تملأ الفضاء.
لقد خرق ماجد أهم وصايا المرحوم الملا سلمان، لقد دخل بيته في غيابه.
لن يسمح لأحد بدخوله وهو غائب، ولن يسمح لأحد بدخوله بعد موته.
هكذا فهم الناس… ففقدوا إيمانهم.
لماذا تأخر ماجد في الخروج؟ لا بد أن روح الملا سلمان تحمي البيت…


11. ولادة التغيير

ماجد… ناصر… حسن… عبد الله… علي… لحظات فقط…
ويخرج ماجد بيده لوحة ومطرقة، يعلّق اللوحة فوق الباب…
لوحة ورقية صغيرة كتب عليها ماجد بخط يده:
“المدرسة الجديدة.”

ومع تهليل الصغار وفرحتهم… يرفع ماجد يديه مناديًا:

هيا… هيا يا أهلي جميعًا… هيا معي… وساعدوني في تنظيف مبنانا الجديد… مبنى المدرسة الجديدة.


المصدر:
أصوات من القصة القصيرة في قطر – حسن رشيد – القرية الصغيرة تخلع ثوب الحداد
المجلس الوطني للثقافة – دار الفنون – 2000 – ص 214.

حل اسئلة وتدريبات درس القرية الصغيرة تخلع ثوب الحداد

أولاً: اقرأ النص قراءة صامتة، أجب عن الأسئلة الآتية:

١- رسمت القصة بعض ملامح القرية، تحدث باختصار عن:

  • منازل القرية وأزقتها:
    منازلها طينية قديمة، أزقتها ضيقة متعرجة، يكسوها الرمل الذهبي، وتعج بأصوات الأطفال والنساء، وتحيط بها بيوت متقاربة تنبعث منها أصوات الحياة القروية.
  • الأسلوب المتبع في التعليم قديماً:
    التعليم كان يتم في منزل الملا سلمان بطريقة تقليدية تعتمد على الحفظ بالعصا والخيزران، ويُستخدم الضرب كوسيلة للتأديب والتعليم.

٢- خالف أبو ماجد عادات القرية وأعرافها؛ فما الذي فعله؟ وما النتائج التي ترتبت على ذلك؟

  • أرسل ابنه ماجد إلى المدينة ليتعلم، ورفض أن يُعلمه الملا سلمان.
  • النتائج:
    نبذه الملا سلمان ولم يتقبلوه في القرية حينها، لكنه أصبح مثالاً للتغيير بعد عودته.

٣- ما الهجس الذي شغل فكر ماجد وهو يدخل قريته؟

  • تساؤله عن سبب إغلاق مدرسة الملا سلمان، ومصير القرية بعد غيابه، ورغبته في معرفة سر الحزن الذي عمّ الجميع.

٤- تندرج القصة التي قرأتها تحت:

1- القصة الاجتماعية
2- التاريخية
3- الخيال العلمي

ثانيًا: أنشطة مهارات القراءة الجهرية:

١. ناقش معاني المفردات والتراكيب الآتية: القرية الصغيرة تخلع ثوب الحداد

الكلمةجذرها المعجميالمعنى اللغوي أو السياقي
تنفثن ف ثتنفخ
المنادلن د لجمع مندَل، وهو نوع من الكهانات يُستدل به على الضائع أو المسروق.
تشرأبش ر أ باشْرَأَبّ: مدّ عنقه، أو ارتفع لينظر.

٢. استخرج معاني الكلمات الآتية من المعجم:

  • تذروها: تفرقها أو تنثرها الرياح.
  • الوهاج: شديد اللمعان، متوهج.
  • يخبو: يضعف ضوؤه أو ينطفئ بالتدريج.

ثالثًا: أنشطة المناقشة والتحليل

تفاعل مع النص بالإجابة عن الأسئلة الآتية:

١. تهدف الكاتبة في هذه القصة إلى تصحيح المعتقدات الزائفة وتصويبها، فما أهم المعتقدات التي استهدفتها الكاتبة؟
الاعتقاد بأن المدرسة القديمة لا يمكن الاستغناء عنها، وأن التعليم مرتبط بالقسوة والعنف لا بالرحمة والحوار.

٢. لماذا أُقفلت القرية بيت الملا سلمان بعد وفاته؟ وإلى أي شيء يرمز القفل في رأيك؟
أُقفِل البيت احترامًا له، ولأن الناس اعتادوا أن البيت لا يُفتح إلا بوجوده.
يرمز القفل إلى الجمود، والتشبث بالماضي والخوف من التغيير.

٣. تعتبر شخصية ماجد شخصية نامية في القصة. وضح ذلك.
لأن ماجد بدأ مترددًا خائفًا من كسر التقاليد، ثم تطور وأخذ زمام المبادرة وفتح الباب وبدأ بإحياء المدرسة من جديد.

٤. لكل قصة عقدة تبلغ عندها الذروة، ثم تتدرج نحو الحل. فأي المواقف الآتية يمثّل عقدة هذه القصة؟

  • معرفة ماجد. عودة الملا سلمان؟
    لا.
  • رؤية ماجد بيت الملا سلمان مُقفلاً بقفل كبير، ولا يوجد بداخله أطفال؟
    تمهيد.
  • اقتحام ماجد بيت الملا سلمان، وعدم خروجه بسرعة؟
    نعم، هو يمثل العقدة.

٥. ظهرت ملامح العزم والتصميم في شخصية ماجد العائد إلى قريته بعد طول اغتراب، فأي المواقف يعبّر عن ذلك في القصة؟
عندما قرر كسر التقاليد واقتحم بيت الملا سلمان، وفتح الباب رغم نظرات الناس، وتحمل مسؤولية إعادة التعليم للقرية.

٦. ضع عنوانًا آخر يعبّر عن مضمون القصة.
“عودة النور إلى القرية”
أو: “بيت العلم لا يُغلق”

٧. “لكن الظلام الذي يقبض في النفوس أقوى من ظلام الليل”، فما ذلك الظلام الذي تقصده القاصة؟
الظلام هنا رمز للجهل، والخوف من التغيير، والتعلق بالتقاليد الخاطئة التي تمنع المجتمع من التقدّم والانفتاح على التعليم.

٨. للمكان أثر في المستوى المعجمي للقصة. ناقش ذلك.
نعم، المكان لعب دورًا مهمًّا، إذ اعتمدت الكاتبة ألفاظًا مرتبطة بالبيئة القروية مثل: (النجّيب، البحر، الدروب الضيقة، النخيل، القرية، بيت الملا، الوهاد…)، مما أضفى طابعًا واقعيًا ومعجميًا يعكس بيئة الخليج العربي والقرى.

٩. وضح جمال التعبير في العبارات الآتية:

  • “تركْتنا أعوادًا فارغة تذروها الرياح”:
    صورة بلاغية توحي بالضياع والفراغ بعد فقدان المعلم، وتدل على أن الناس بلا توجيه صاروا كالعصيّ الهشة التي تتناثر مع الرياح.
  • “وقف ماجد كقالب من الشمع لا يعي”:
    تشبيه قوي يصف الذهول والانكسار الذي أصاب ماجد عند دخول البيت، وكأن الزمن توقف.
  • “وها هو ماجد يعود إلى القرية بدرًا في أوج ضيائه”:
    كناية عن إشراق الأمل بعودة ماجد وبدء التعليم، وتشبيه جميل لماجد بالقمر المكتمل في نوره.

١٠. ما المحسن الموجود بين كلمتي (السرّاء، الضرّاء، القاصي والداني)؟
الجناس والطباق:

  • “السرّاء والضرّاء”: طباق يوضح التناقض بين الفرح والحزن.
  • “القاصي والداني”: طباق مكاني يعبّر عن شمول الجميع.

المزيد في اللغة العربية:

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *