عميد شجرة الأنساب الشعرية

لشيخ عبد الله الخليلي - عميد شجرة الأنساب الشعرية

لشيخ عبد الله الخليلي - عميد شجرة الأنساب الشعرية


نص إثرائي (1): الشيخ عبد الله الخليلي – عميد شجرة الأنساب الشعرية

الشيخ عبد الله بن علي الخليلي هو من تلك السلالة الشعرية الكبيرة في عمان والوطن العربي، التي حفظت للشعر مجده ورصانته وتاريخه، من أبي مسلم البهلاني الرواحي، عمانيًا، وحتى بدوي الجبل والجواهري عربيًا. بما يعني ذلك الحفظ من توافر قيم إبداعية وإرث من الرؤى والتصورات الإبداعية لأسلاف الشاعر العظام من مختلف العصور. عميد شجرة الأنساب الشعرية

الشيخ الخليلي ينتمي إلى شجرة الأنساب الشعرية هذه عبر مناقبها المعنوية وخصائصها الكتابية والروحية. هو ابن العائلة التي تمد أصولها عميقًا في هذه التربية بشمولية معرفة لا تبدأ ولا تنتهي بالمعالم الظاهرة.

الشيخ الشاعر سعيد بن خلفان الخليلي، رغم وفاة الزمن والمرح في ظل أعماله وقوته للعالم والحياة، ومن نسبه المكاني والوجودي، متمكنًا مع بيته غائبًا عن كل ما يفكر عليه صفاء هذا التأثير العربي الذي تتجسد عنده مع قراءاته العربية، وخاصة كتاب (الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني، و(ديوان الحماسة) لأبي تمام، واطّلع أيضًا على دواوين الشريف الرضي ومهارته.

فوجد فيهما العزل الطبيعي الذي يشف من قلب صافٍ، دون حجاب، كيف من طاق وجداننا وغير ذلك من ضربات الشعر، وكانت القصيدة تنبض بـ (ضوء العبر) يصور هذا الاتجاه – انتماءً لشجرة ثقافية، وليس تقليدًا – وكان دخوله للشعر من هذا الباب، وديوانه الأول: (وحي العبقرية)، كان دفقة وجدانية لوعي مندمج مع الحياة.

وكانت القصيدة واحة للعلم والمعرفة، تتوسل بجمال اللغة، لتبني كيانها الداخلي على السياقات المعرفية المختلفة.

وقد استطاع الشيخ الخليلي أن يوظف تقاليد المكان العماني، ويُضفي عليها خصوصيته الفنية، فحملت قصائده روحًا عمانية مشبعة بالمعرفة الدينية والإنسانية، وفيها خطاب شعري يجمع بين الثقافة الإسلامية والعربية، وبين خصوصية البيئة العمانية.

لا ننسى ذلك وغيره الذي يندرج في التكوين الأول للذائقة والوعي الشعريين، والذي أدين له بالكثير.
وكانت تلك القراءات المتنوعة يغنيها جدل ونقاشات حول التقري والتمجيد في الكتابة الشعرية، مما يوجّه نحو مناخ معرفي متكامل في ذلك الزمان.

لم يكن الشيخ الشاعر، رغم وثاقته الشعرية والفكرية، متماثلاً ومكرراً للفكرة المتوارثة،
متمنعاً ومتأملاً ضد آراء الآخرين وممارساتهم في الكتابة.
بل ظلّ كمن ينطلق من أسس صلبة مبنية بروح خلاقة منفتحة على التجارب والمستجدات في أرض الشعر والأفكار،
في عالم دائم التحول والمتغيرات، آخذاً ما يناسب سياق قصائده وخصائص فكره التي بناها عبر السنين حراصاً مما يناقض ذلك.

لقد كان الشيخ الشاعر متمثلاً بمنظومة شعرية تفعّل فكر الفكر وعصيان التاريخ،
الذين لا يؤمنون إلا برأي الآخر وتحويل العالم بعنف لا إطلاق فيه لرؤاهم.
أما هو، فكان التثقف والأدب وسيلة، كتب الشعر المسرح العماني،
وكان إنساناً كتب تأثيراً شعرياً في كل ما كتب، تمس بوضوح سمات الشاعر الكبير، وظل وفياً لفجر القصيدة الروحية والشعرية كما كانت رؤياه الإيجابية في عصره.

هذه ليست إلا إشارة وفاء للشيخ الشاعر،
وما يستحقه مشروع كتابة أوسع وأعمق تقوم بها جهات مختلفة في السلطنة والوطن العربي.

سيف الرحبي
مجلة نزوى – العدد 24 – أكتوبر 2000

والخليلي بهذه المثابة، وباختياره لموضوعات قصائده الوطنية، ومعالجته لها، يؤكد محور القضية التي يدور حولها حديث التطور عنده،
من أنه يمتد بجذوره إلى أعماق التراث، وينسج على منوال موضوعاته التقليدية، فخراً بالذات أو بالجماعة المحيطة،
ثم يحاول تعميق هذا الاتجاه من خلال وظائف القصيدة التاريخية، ثم يحاول أن يوسّع الدائرة تجاوبًا مع مفهوم القصيدة الحديثة للوطنيات،
فتمتد بها إلى إطار العالم الواسع من حوله.

المصدر:
تطور الأدب في عمان
(د. أحمد درويش) – دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع
القاهرة، 1998م

المزيد :

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *