شرح درس اللغة تلد الحضارة – الصف التاسع
تأثير اللغة في الحضارة والإنسان
تتأثر اللغة بالروح السائدة للحضارة، وإنجازاتها وآلياتها، وينعكس في اللغة النمط الحضاري السائد في المجتمع، والحضارة تتأثر باللغة، بألفاظها التعبيرية، وقدراتها الإبداعية، التي اكتسبتها عبر تاريخها الطويل، فاللغة العربية مثال تختلج بالألفاظ التي تصف الصحراء وحيواناتها ومظاهر الحياة فيها، كما كان تأثير البحر واضحاً في مفردات اللغة الإنجليزية. وقد وجد علماء اللغة تأثيراً خفياً للغة في طريقة تفكير الناس، وتصوّراتهم عن الكون والحياة.
وعندما كان العرب أصحاب السيادة في العالم القديم، اختلفت طبيعة تأثرهم بتراث الحضارات المعاصرة لهم؛ الفارسية، واليونانية، والهندية، لقد أخذوا منهم بعض أفكارهم، وطرق بحثهم، وبعض أساليبهم في المجادلة، وفي تدبير شؤون الدولة، وترجموا كثيراً من كتبهم، ليكسبوا كل ذلك بالروح الإسلامية، ليخرج نتاجاً آخر فيه من سمات الحضارات الأخرى بقدر ما فيه من الطابع الإسلامي العربي. وأثرت لغات هذه الحضارات بعض الشيء في اللغة العربية دون أن يؤثر ذلك في نسيج العربية، وروحها العامة، في حين كان تأثر العربية في اللغات المحلية المخالطة بها، فقد مضت على بعضها بعد صراع طويل دام قروناً، مثلما حدث مع اللغة القبطية في مصر، ودخلت بألفاظها وتركيبها في نسيج بعض اللغات مثلما حدث مع اللغة الفارسية. فمع أن اللغة الفارسية من عائلة لغوية تختلف عن تلك التي تنتمي إليها اللغة العربية، فإن أكثر من نصف كلمات اللغة الفارسية ترجع أصولها إلى العربية.
إحساس العرب بتفوق لغتهم
في ظل هذا الإحساس القوي بالتفوق، عامل القدماء لغتهم العربية، ونظروا إليها على أنها أفضل اللغات جميعاً، وأقدرها على التعبير عن العواطف الإنسانية، ومقتضيات الحياة اليومية، يُجدُ ذلك مثوَّراً في كتابات الجاحظ، وغيره ممن كتبوا عن إعجاز القرآن الكريم، أما علماء اللغة فقد اهتموا بلغتهم العربية، فبحثوا أصواتها وتراكيبها وصوَّروا إلى بلاغتها ودلالاتها، حتى أن…
مناهج البحث اللغوي بين الماضي والحاضر
كثيرًا من مناهج البحث اللغوي الحديث لها يدور في كتاباتهم، ولكن من منظور فكري يخالف لما يكتب اليوم. لقد ألّف القدماء، بجهود فردية، دائمًا المعاجم العامة في اللغة، وألّفوا معاجم متخصصة في أسماء الحيوان، أو بعض الأشياء المتصلة بالبيئة مثل الأنواء والرياح، وألّفوا معاجم للمصطلحات، وشادوا منهاجًا ضخماً لبحث النحو العربي، وألّفوا فيه مئات الكتب. ثم تقلص الدور الحضاري للعرب، وبدأ اهتمامهم بلغتهم يقل تبعًا لانهيار العام لكل مظاهر الحضارة التي شادواها عبر مئات السنين.
واللغة العربية المعاصرة تعيش في ظل حضارة جديدة، حضارة شكلت لنفسها نظاماً فكرياً، وتصورا عن الكون مخالفاً في كثير من نواحيه للنظام الفكري الذي عاشت في ظله اللغة العربية، كما أن هذه الحضارة ابتدعت علوماً، ومناهج للبحث العلمي لم تألفها الحضارة العربية من قبل، وأفرزت نتاجات صاحبها عادات وتقاليد خاصة، كل هذا كان غريباً عن العرب، فشكل مأزقاً تواجهه اللغة العربية كل يوم.
مأزق اللغة العربية مع الحداثة
كان أول احتكاك حقيقي بين الحضارة الجديدة المعاصرة، واللغة العربية بعد اختلال موازين القوى لصالح أوروبا في الحملة الفرنسية على مصر، وهنا ظهر مأزق اللغة العربية عندما أراد الجبرتي – في كتابه عجائب الآثار في التراجم والأخبار – وصف حملة نابليون وما صاحبها من أشياء لم تألفها مثل الكهرباء، والمولدات، وبعض الأجهزة التي أحضرها الفرنسيون معهم لدراسة مصر؛ إذ لم تكن اللغة العربية مهيأة لوصف مثل هذه الأشياء. كما ظهر المأزق في كتاب رفاعة الطهطاوي (تخليص الإبريز في تلخيص باريز)، حيث أراد الطهطاوي أن يصف ما رآه في باريس، فعجزت لغته أن تؤدي الوصف تمامًا فقد جاءت بعض أوصافه غامضة، مثل حديثه عما شاهده في المسارح الفرنسية، وجاء البعض الآخر في عبارة طويلة مثل وصفه للمقاهي وما يحدث فيها، فلم تكن هناك مصطلحات جاهزة تختصر الوصف وتقربه إلى الأذهان.
واقع اللغة العربية اليوم وآفاقها
إن اللغة العربية في الوقت الحاضر تحتل مساحة لا بأس بها؛ إنها لغة العرب من المحيط إلى الخليج، وهي لغة تراث ثقافي كبير، كان له أهمية وأثر في حياة البشرية، وتدرس في الكثير من جامعات العالم ويُعَلمُها لملايين المسلمين من غير العرب، وهي لغة حية في دراستها كثيرون من غير أهلها، وقد أخذت دورها بين لغات العالم الرئيسية في المنظمات العالمية.
غير أنه ينبغي لنا أن نعرف أن ما تحقق للغة العربية هو أقل بكثير مما يمكن أن يتحقق لها من انتشار واسع، ومكانة مرموقة، وذلك لا يأتي إلا بالجهد الدؤوب الخلاق في ساحات العلوم والآداب والفنون والتقنيات، اقتباساً وثقلاً وكشفاً وإبداعاً. ولكن واضحاً جلياً أن اللغة تواكب أهلها جموداً وحركة، تخلفاً وتقدماً، ضموراً وازدهاراً؛ لأنها اللسان المعبر عن التفكير، والمفصح عن العمل، والحامل للإنجازات والتطلعات.
مراجع المقال:
- أحمد صبرة – جامعة الإسكندرية – www.islamonline.net – 6/2/2005م.
- شحادة الخوري (2011) – واقع اللغة العربية عربياً ودولياً، التعريب، العدد 11، ص 35-40.
أولاً – فهم النص:
- اذكر بعض اللغات التي تأثرت باللغة العربية.
- اللغة الفارسية، التركية، الأوردية، وبعض اللغات المحلية مثل اللغة القبطية في مصر.
- ما الإحساس الذي تعامل القدماء على أساسه مع لغتهم؟
- كان لديهم إحساس قوي بالتفوق، حيث اعتبروا اللغة العربية أفضل اللغات قدرة على التعبير عن العواطف الإنسانية ومقتضيات الحياة.
- لماذا قل اهتمام العرب بلغتهم في العصور المتأخرة؟
- بسبب تقلص الدور الحضاري للعرب وتراجع تأثيرهم في العالم، مما أدى إلى ضعف الاهتمام باللغة وتقليص الجهود في تطويرها ومواكبتها لمتطلبات العصر.
- متى كان أول احتكاك حقيقي بين العرب والحضارة الغربية؟
- كان أول احتكاك حقيقي في الحملة الفرنسية على مصر، حيث واجه العرب صعوبة في إيجاد مصطلحات تصف أشياء جديدة مثل الكهرباء والمولدات.
- لماذا تعيش اللغة العربية في مأزق في العصر الحالي؟
- بسبب التغيرات الفكرية والعلمية في الحضارة الحديثة، والتي أفرزت مفاهيم ومصطلحات جديدة لم تكن موجودة في التراث العربي، مما وضع العربية في تحدي لمواكبة هذا التطور.
- اذكر كتابين ظهر فيهما مأزق اللغة العربية.
- كتاب الجبرتي: “عجائب الآثار في التراجم والأخبار”.
- كتاب رفاعة الطهطاوي: “تخليص الإبريز في تلخيص باريز”.
ثانيًا – المفردات والتراكيب:
- بيّن معاني المفردات الآتية:
الكلمة | المعنى |
---|---|
النمط | الصنف أو النوع. |
تصوراتهم عن الكون | تخيّلاتهم لصورته، وأفكارهم فيه. |
عائلة لغوية | مجموعة من اللغات تتحدر من أصل واحد، مثل العربية والعبرية والحميرية، وتنحدر من عائلة اللغة السامية. |
الأنواء | جمع نوء، وهو النجم إذا مال للغروب. |
الإبريز | الذهب الخالص. |
- كيف تبحث في المعجم عن معاني المفردات الآتية: (مأزق – تخليص – تنكل)؟
- نبحث في المعجم عن الجذر الثلاثي للكلمة، وإليك الجذور:
الكلمة | الجذر |
---|---|
مأزق | أ ز ق |
تخليص | خ ل ص |
تنكل | ن ك ل |
- ما مفرد كل من الكلمات (شؤون – مقتضيات – بذور)؟
الكلمة | المفرد |
---|---|
شؤون | شأن |
مقتضيات | مقتضى |
بذور | بذرة |
ثالثًا – التحليل والنقد:
- تتأثر اللغة بالروح السائدة للحضارة، وإنجازاتها وآلياتها. اشرح هذه العبارة.
- تعني أن اللغة تعكس روح الحضارة، فحين تكون الحضارة مزدهرة، تزدهر اللغة بمفرداتها وأساليبها، وتواكب العلوم والفنون والتقنيات. أما إذا ضعفت الحضارة، انعكس ذلك على اللغة جمودًا وتراجعًا.
- لماذا تكثر ألفاظ الصحراء في اللغة العربية، وألفاظ البحر في اللغة الإنجليزية؟
- لأن البيئة تؤثر في اللغة، والعرب عاشوا في الصحارى، لذا كثرت في لغتهم الألفاظ التي تصف الرمال، الرياح، الإبل،… بينما الإنجليز عاشوا قرب البحر، فتكثر في لغتهم كلمات تتعلق بالملاحة والأسماك والأمواج.
- بيّن مظاهر القوة في اللغة العربية عندما كانت لغة الحضارة.
- من مظاهر القوة:
- تأليف المعاجم في أسماء الحيوان، الأنواء، الرياح.
- بناء مناهج ضخمة لبحث النحو والصرف.
- القدرة على التعبير الدقيق عن المفاهيم العلمية والفكرية.
- علام يدل رجوع كلمات كثيرة في اللغة الفارسية إلى أصول عربية؟
- يدل على تأثير اللغة العربية في الفارسية خلال فترة ازدهار الحضارة العربية، مما جعل العربية تمد الفارسية بالكثير من المفردات في المجالات الدينية، العلمية، والإدارية.
- انعكس الشعور بالتفوق على تعامل القدماء مع لغتهم. وضح ذلك.
- نظر القدماء إلى اللغة العربية كأفضل اللغات وأكثرها قدرة على التعبير، مما دفعهم إلى الاهتمام بها، وكتابة دراسات عن إعجازها، وتطوير علوم النحو والبلاغة.
- إلى أي مدى ساهم القدماء في البحث اللغوي العربي القديم؟
- ساهموا بشكل كبير ومؤثر، حيث وضعوا:
- المعاجم العامة والمتخصصة.
- قواعد النحو والصرف.
- دراسات في البلاغة والإعجاز القرآني.
- كانت حملة نابليون على مصر نقطة تحول حضاري لدى العرب. بين ذلك.
- عند دخول الحملة الفرنسية، واجه العرب صعوبة في وصف الأجهزة الحديثة مثل الكهرباء والمولدات، لعدم وجود مصطلحات مقابلة، مما كشف عن مأزق لغوي حضاري، وأكد الحاجة لتطوير اللغة لمواكبة العصر.
- يقول حافظ إبراهيم:
وسعتْ كتابَ اللهِ لفظًا وغايةً
وما ضِقتَ عن آيٍ به وعِظاتِ
فكيف أضيقُ اليومَ عن وصفِ آلةٍ
وتنسيقِ أسماءٍ لمُخترَعاتِ؟
– كيف نُوائم بين المأزق الذي وقعت فيه اللغة العربية، وما يراه الشاعر؟
- يرى حافظ إبراهيم أن اللغة العربية قادرة على استيعاب كل شيء، فهي وسعت آيات القرآن وبلاغته، فكيف تضيق عن وصف المخترعات الحديثة؟
- لكن المأزق اللغوي يكمن في عدم تطوير المصطلحات ومواكبة العصر، رغم أن اللغة قادرة بطبيعتها على استيعاب ذلك، بشرط الاجتهاد والإبداع.
- عجزت لغة الطهطاوي عن وصف الحياة الفرنسية بتفاصيلها. شخص مكمن الخلل في هذه الأزمة الحضارية.
- يكمن الخلل في غياب المصطلحات الحديثة باللغة العربية، مما جعل الطهطاوي يعجز عن التعبير بدقة.
- السبب ليس ضعف اللغة نفسها، بل هو الجمود وعدم مواكبة التطورات في المجالات الجديدة مثل العلوم، الفنون، والتقنيات.
- وضح العلاقة بين نمو اللغة، واستعداد أبنائها للرقي الحضاري.
- اللغة تنمو وتتطور مع تطور أهلها حضارياً. كلما تقدموا علميًا وفكريًا، أثّر ذلك في إثراء لغتهم بالمصطلحات والمعاني الجديدة.
- اللغة والحضارة وجهان لعملة واحدة: اللغة تعكس تقدم الأمة، وتساعد على نشر الحضارة.
- لمَ تحتاج اللغة العربية لتقييم دورها الحضاري؟
- لتعرف مدى قدرتها على مواكبة التطور العلمي والفكري.
- لأن التقييم يساعد على إبراز نقاط القوة وتحديد نقاط الضعف لتطوير المصطلحات والأساليب بما يتناسب مع الواقع المعاصر.
- اختر عنوانًا آخر للنص، وضع عنوانًا خاصًا بكل فقرة.
- عنوان آخر للنص: اللغة مرآة الحضارة.
- عناوين الفقرات:
- اللغة والحضارة: علاقة متبادلة
- إحساس التفوق وأثره في تطور اللغة
- التحديات الحديثة أمام اللغة العربية
- أزمة اللغة مع الحداثة وأمثلة تاريخية
- آفاق اللغة العربية بين الماضي والمستقبل
- يقول ابن خلدون: «المغلوب مولع أبدًا بالاقتداء بالغالب». ما رأيك في هذا القول من خلال محتوى المقال السابق؟
- القول صحيح جزئيًا، فمع تراجع الحضارة العربية، اقتدى العرب بالغالب ثقافيًا ولغويًا، مما أضعف اللغة.
- لكنه ليس مبررًا للجمود، بل يجب أن يكون دافعًا لتجديد اللغة وتطويرها لمواكبة التحديات الحضارية.
- ناقش الرأي القائل: “اللغة العربية لم تعد تصلح للحضارة المعاصرة”.
- هذا الرأي غير صحيح؛ لأن اللغة العربية بطبيعتها مرنة وقادرة على التطور.
- المشكلة ليست في اللغة ذاتها، بل في الجمود وعدم الاجتهاد في تطوير المصطلحات ومواكبة المستجدات العلمية والتقنية.
- كلما اجتهد أبناء اللغة في إثرائها بمصطلحات جديدة، أصبحت قادرة على مواكبة العصر مثل أي لغة أخرى.
- كيف يمكن للغة العربية مواكبة العلوم العصرية؟
- من خلال:
- تعريب المصطلحات العلمية والتقنية بدقة.
- إنشاء لجان متخصصة تعمل على تطوير اللغة لمواكبة التطورات.
- تعليم العلوم باللغة العربية في المدارس والجامعات مع دعم البحث العلمي باللغة العربية.
- الاستفادة من الترجمة مع الحفاظ على الهوية اللغوية.
- الاعتزاز باللغة حفاظ على الهوية القومية. بين مدى صحة هذه العبارة؟
- العبارة صحيحة تمامًا؛ لأن اللغة جزء أساسي من الهوية القومية، فهي تعبر عن ثقافة الأمة وتاريخها.
- الاعتزاز باللغة يعزز الانتماء والولاء للوطن والثقافة، ويحمي الأمة من الذوبان في ثقافات أخرى.
- كلما اعتز أبناء الأمة بلغتهم، حافظوا على خصوصيتهم الحضارية.
لا تعليق